الثلاثاء، 6 مايو 2008

أهالي «عزبة المطار» بإمبابة يصرخون: التطوير الحكومي «استعمار» لأراضينا.. و٩٥% من السكان يرفضون الرحيل


يبدو أن مشروع تطوير قطاع شمال الجيزة، خاصة منطقة مطار إمبابة سيكون علي صفيح ساخن خلال المرحلة المقبلة، ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس مبارك موافقته علي التطوير ومطالبته بتعويض عادل للأهالي الذين ستتم إزالة مساكنهم، بدأ أهالي منطقة عزبة المطار في تنظيم صفوفهم لمواجهة جرافات الطوفان الحكومي والاستثماري القادمة وكأنهم علي شفا حرب، رافضين الخروج من «أرضهم» التي ولدوا وعاشوا وعملوا فيها وارتبطوا بترابها وأصبحت تمثل لهم «مصر الصغري» فهي وطنهم الذي يرفضون «استعماره» ـ علي حد وصفهم ـ من قبل المستثمرين وحتي ولو كان «المستعمرون أشقاء عربا أو مصريين».
وما كان مثيرا للدهشة هو الوعي الشديد الذي يغمر معظم أهالي المنطقة سواء شبابا أو شيوخا ونساء وأطفالا حول موضوع التطوير، وكذلك أعضاء الحزب الوطني، وهم يحملون علي عاتقهم توعية بعض أهالي المنطقة، ممن لا يصدقون التطوير و«كلام» الحكومة، وقام هؤلاء بعمل «تفويض» للأهالي سواء ملاكا أو مستأجرين للتحدث باسمهم مع الحكومة بما يضمن حقوقهم بالتعويضات المالية المناسبة لملاك الأراضي والعقارات، مع توفير وحدات سكنية بديلة بأرض المطار دون غيرها لشاغلي الوحدات، وقد قام نحو ٧٠٠ فرد بعمل توكيلات والتوقيع علي التفويضات كخطوة أولي في تنظيم الصفوف.
في البداية، يقول خالد نجيب رئيس جمعية سنابل وأمين شباب الحزب الوطني في المنطقة «نحن لا نرفض التطوير، ولكن في الوقت نفسه يجب ألا يأتي التطوير علي حساب «الغلابة»، فأهالي المنطقة لم يتوقعوا تهجيرهم بالكامل، ولكن بعد الإعلان عن التطوير النهائي شعرنا بأن هناك مخططا تهجيريا، وهذا الإعلان تسبب في وقف بيع الأراضي في جميع المناطق المجاورة، بل وارتفاع أسعارها في مناطق مجاورة بسيطة مثل «كومبرة وكفر حكيم» والتي كانت تأوي بعض «الغلابة»، وفي قرية بشتيل وصل سعر متر الأرض إلي ألف جنيه بعدما كان لا يتعدي ٤٠٠ جنيه.
ويضيف نجيب: نحن علي علم بالتطوير النهائي منذ يونيو ٢٠٠٦ أي منذ عام كامل، حيث حصلنا علي التخطيط الذي قامت به هيئة التخطيط العمراني، وذهبنا آنذاك للوزارة التي كذبت ما جاء في تقرير الهيئة، وبعدها قام المحافظ بالتكذيب أيضا، وصدقنا نحن «تكذيب» الحكومة ولم نفعل شيئا، وهذا العام فوجئنا بالتطوير نفسه للمنطقة وما حولها مع منطقة وراق الحضر.
ويتابع: منذ عدة شهور تقريبا أغلقوا التقديم تماما للمرافق، وهذا ينذر بما تريده الحكومة لهذه المنطقة، فنحن مع التطوير ولكن نعرف الآن لصالح من هدم المنطقة، فمعظم الأهالي يعمل ويكسب قوت يومه من داخل المنطقة، وأصبح هناك «سمعة» للمحال ولن يستطيع أصحابها خلق سمعة جديدة في أي مكان.
ويري علي عيد «تاجر» أن نسبة البطالة ستزيد لشباب المنطقة في حال تهجيرهم، حيث إن معظمهم يعملون فيها والآخرين يعملون في مناطق قريبة، مؤكدا أن تهجير المواطنين إلي أي من المدن الجديدة لن يفيد الأهالي بسبب بعد المسافة عن أماكن العمل وارتفاع أسعار المواصلات هناك.
ويقول شحاتة أحمد «عامل»: «أنا عامل يوميتي ٢٥ جنيها، ولدي ٤ أولاد في التعليم، فكيف أترك عملي في المنطقة لأذهب إلي مدينة جديدة أنفق علي مواصلاتها كل مدخراتي».
أما الشيخ سيد إسماعيل، فيشير إلي أن المساكن في المنطقة ليست وضع يد، وإنما تمليك للأراضي، وليس من حق الحكومة انتزاع ملكيتهم للمساكن إلا في حال التعويض المناسب، مؤكدا أن الحكومة لم تتكفل به أو بأبنائه بالرغم من حصولهم علي مؤهلات عليا، ولم يجد سوي المحال في المنطقة لتحمل «شهاداتهم» فوق جدرانها بعيدا عن تعيينات الحكومة.
ويتساءل ولاء صلاح الدين «موظف» عن العائد المادي و«الآدمي» علي أهالي المنطقة من جراء التطوير، قائلا: «أهالي المنطقة أولي بمساكنها، ولن نخرج منها للعيش مؤقتا في أي مكان، وإذا خرجنا من منازلنا فلن نعيش إلا في شقة بالمنطقة نفسها».
ويتهم هشام عبدالعظيم «أمين تنظيم الحزب الوطني في المنطقة» أحد المستثمرين بعرقلة بناء مدرسة في المنطقة انتظارا للتطوير والحصول علي الأرض لاستثمارها، ويقول: استطاع المستثمر منع بناء المدرسة للحصول علي الأرض، بالرغم من حصولنا علي موافقة هيئة الأبنية التعليمية بسبب تكدس المدرسة الوحيدة الموجودة في المنطقة، ونحن نشعر الآن بوجود نية سيئة لإراقة دماء أهالي المنطقة من قبل الحكومة، خصوصا أن الاتجاه الآن يمنع أي جهود ذاتية، وأصبحت العملية مبهمة.
وترفض نصرة إبراهيم مأمورة ضرائب موافقة بعض الكُتاب والصحفيين علي مشروع التطوير وإظهار امتنانهم وشكرهم للرئيس مبارك، وتأكيدهم أن أهالي المنطقة سعداء بالتطوير، وتقول: «هذا الوقت ليس وقتا للتطبيل والتزمير، فالأرض ستباع للمستثمرين الذين لا نعرف هويتهم، ولا أعرف ما جدوي البيع، وماذا ستستفيد الحكومة من «طرد» الأهالي، هو لازم المكان ينضف علي حساب الغلابة، فأين كانت الحكومة منذ سنوات، فأهالي المنطقة يدفعون الضرائب لها أكثر من مستثمرين ورجال أعمال كبار، فلماذا الظلم؟!».

ليست هناك تعليقات: