الجمعة، 11 يوليو 2008

أرض امبابة وسوء الإدارة السياسية


ماجدة أباظة
abazamagda@yahoo.com
فجر خبر قرب صدور قرار جمهوري بنقل ملكية أرض مطار امبابة إلي هيئة المجتمعات العمرانية، شجونا عديدة فيما يتعلق بإدارة هذا البلد. ولهذا قررت مناقشة ما ورد بالخبر علي سبيل التمرينات الذهنية. أولاً: تأكيد إعلامي بصدور قرار جمهوري بنقل ملكية أرض المطار من جهة إدارية، لم يتم الإشارة إليها وأعتقد أنها في الأغلب محافظة الجيزة إلي هيئة المجتمعات العمرانية.
ثانياً: يخرج محافظ الجيزة في ذات الخبر بجريدة«الأهرام» السبت 28 يونيو 2008، معلنا نزع ملكية العقارات المحيطة إذا فشلت المفاوضات مع المالكين، مع تعويض الملاك بأعلي الأسعار بحيث لا يضار أي مواطن تنفيذا لتوجيهات الرئيس.
ثالثا: يشير الخبر أن هناك تمويلاً يصل إلي حوالي 4 مليارات جنيه لتطوير المنطقة.
ثم يستمر الخبر في تعديد محاسن مشروع التطوير الذي سيشمل مشروعات سكنية وخدمية، منها خمسون عمارة سكنية وأربعون مدرسة ومستشفي للأسرة وملاعب رياضية وناد وحديقة علي مساحة خمسين فدان الخ الخ الخ.
إلي هنا وينتهي تقريبا الخبر، ما أفصحه. وإنني أرجو أن يتسع صدر المسئولين ونواب الشعب ورئيس الجمهورية في مناقشة منطق إدارة هذا المشروع وسبل تنفيذه من قبل مواطنة مصرية.
أولا : ما ضرورة إصدار قرار جمهوري لنقل ملكية أرض المطار من محافظة الجيزة إلي هيئة المجتمعات العمرانية؟ إن مصر الرسمية تجيد اختراع الهيئات والمتاهات القانونية وتشابكها حيث يتم اختراع قوانين لاحقة وقرارات لاحقة، تدخلنا في دوامة من تداخل الاختصاصات اللانهائية التي يغطس فيها المواطن المصري ولايقب.
أليس من حق المواطن أن يعلم عبر قنوات شرعية وإعلامية، أسباب نقل هذه الملكية، و هذا أضعف الإيمان، حيث إنه كان واجبا إشراكه في تلك العملية المصيرية بحسب مفاهيم الدولة المدنية. والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه هو: ماذا يعني علي أرض الواقع نقل جهة الاختصاص من تبعات ومسئوليات واختصاصات؟ هل يعني ذلك تحرر هذه الملكية الجديدة من القيود المفروضة علي المحافظة، لإطلاق يدها علي خلاف وضع المحافظة علي سبيل المثال؟ أم إن لها مميزات خفية لا نعلمها كجمهور . أسئلة كثيرة، كان من الواجب أن تتم مناقشتها في مجلس الشعب ومع المواطنين عبر قنوات عديدة، تمهيدًا لبلورة مثل تلك المشاريع التي وبحسب الخبر- تمس قطاعاً عريضاً من السكان والمحيطين بالمنطقة؟ فهكذا بتنا نري سبل تسيير أمورنا المدنية علي خلاف نهج السلطة الرسمية التي لاتزال تقبض علي مقدرات الأمور.
ثانيا: ألم يحن الوقت أن نتخلص من أسلوب تملق الرؤساء، باعتبارهم أصحاب الرؤية الفذة الأحادية ونبدأ بالأهرام العمل الجماعي بالمشاركة الجماهيرية الحقيقية.و ليس أدل علي ذلك من المقولة التي جاءت علي لسان المهندس سيد عبد العزيز -محافظ الجيزة- في نفس الخبر بالأهرام، وهي «سيتم نزع ملكية العقارات مع تعويض الملاك بأعلي سعر، بحيث لا يضار أي مواطن تنفيذا لتوجيهات الرئيس». ألم يحن الوقت للحفاظ علي المواطن تنفيذا لتوجيهات المواطنين أنفسهم؟. وهل إذا لم يصدر الرئيس تلك التوجيهات، أكان يعني ذلك أن يضار المواطن تلقائيا؟
ثالثا: كيف تبدأ مفاوضات ودية بتهديدات رسمية؟ أي نوع من المفاوضات الحرة تلك؟ . جدير بالإشارة إلي أن هذا المشروع مشروع مدني بعيد كل البعد عما نعرفه من تصنيفات مشاريع ذات صالح عام أو منفعة عامة. رابعا: أليس من المنطقي، تمشياً مع ما نروجه من مشاركة أهلية، أن نستمع لأهالي تلك المنطقة حتي نتوصل إلي اتفاقات مناسبة لهم، دون اللجوء إلي تهديدات، تهدف صالحهم وهم لا يدرون !!! . رابعا : إذا كان المشروع يستهدف بالفعل سكان المنطقة من خلال تطويرها وبالتالي توفير حياة أفضل لهم وللوافدين الجدد إلي المنطقة . لماذا لا يتم الإعلان عن أساليب التعامل معهم وكيفية إدراجهم داخل المشروع، سواء بضمان وحدات سكنية لهم بحسب أوضاعهم الفعلية في هذا المشروع، مع ضمان سكن مناسب بديل لحين إتمام المشروع، أو بمنحهم تعويضات حقيقية، يتم الإعلان عنها رسميًا، تتناسب وأسعار السوق المتغيرة، علي أن يتم تدعيم هذه المفاوضات بأوراق قانونية تضمن حق هؤلاء المواطنين علي الدولة. فنحن نعلم أن حبال الدولة طويلة، وموت يا حمار. ولكن، والله أعلم، فإنني أستشعر أن الهدف، هو التخلص من هؤلاء السكان، واستقدام نوعية مختلفة من البشر إلي هذه المنطقة ! خامسا: أن يخيب ظني.
خامسا : نود كجمهور أن نعلم أكثر عن مصدر تلك التمويلات الكبيرة الممنوحة لهذا المشروع، وما إذا كانت الجهات التي ستقوم بالتنفيذ من القطاع العام أو الخاص أو من كليهما . وفي الدول الشفافة جداً كدولنا، ننتظر في المستقبل، الإعلان عن أسماء تلك الشركات وأصحابها.
و حتي لا ينطبق علي هذا المشروع أرض المطار أخذها الغراب وطار.

ليست هناك تعليقات: