الجمعة، 11 يوليو 2008

الحكومة بتاخد ما بتدييش

الحكومة بتاخد ما بتديش

الاشتراكى:نرمين خفاجى

عزبة المطار ،بشتيل، العمارة، مدينة الامل، الوراق ، جزيرة بين البحرين ،مناطق معرضة لكوارث الاخلاء القسرى بدعوى التطوير والتنمية.
لقد تحول مفهوم التطوير والتنمية بفعل تحرير السوق وتمكين المستثمرين الى قطار يدهس فى طريقه الفقراء والمهمشين ،ولايعرف سوى لغة الاستثمار والارباح .
ومن المقدر ان يصل عدد المضارين من مشروع تطوير شمال الجيزة الى اكثر من نصف مليون نسمة ،
الكارثة الاكبر هى ان الحكومة لا زالت تخبىء تفاصيل مشروع التطوير المزعوم ،اسئلة عديدة وهواجس تطرح نفسها على سكان تلك المناطق ، كيف ستتعامل معهم الحكومة ؟ هل ستمنحهم مساكن بديلة ، وفى حالة عدم وجود مساكن بديلة ماهو حجم التعويض المادى الذى سيحصل عليه المضارون فى ظل ارتفاع اسعار الاراضى وحديد التسليح والاسمنت ؟
يعيش السكان هناك حالة من الترقب و القلق فأعمالهم مرتبطة بالمكان فمنهم من يملك محلات او يعمل فى اماكن قريبة، ومع نزول المهندسين بالخرائط ووضع علامات على البيوت يزداد التوتر الذى تحول احيانا الى مشاجرات نزلت فى احداها قوات الامن المركزى .
سكان هذه المناطق عاشوا لسنوات بدون ماء او كهرباء فى معاناة مريرة تجاهلتها الحكومة ، وبعد ان اعترفت بهم ومدت خطوط الماء والكهرباء والتليفونات والمواصلات ،لم يكد يهنأ السكان بدخول المرافق حتى اعلنت الحكومة عن عزمها على ازالة تلك الاحياء العشوائية لتبيع اراضيها للمستثمرين وتصبح امتدادا طبيعيا لاحياء الصفوة فى المهندسين والزمالك .
اما جزر النيل والتى يعيش اهلها على الزراعة والصيد فلم تنجو ايضا من المذبحة ، ففى 2005 صدر قرار وزارى بتحويلها الى محمية طبيعية ،مما حول الحياة على هذه الجزر الى جحيم فلا احد يستطيع ان يبنى ليزوج ابنائه وحتى البيوت التى بنيت قبل القرار لا يستطيع اصحابها ادخال الكهرباء.
وارتبط القرار الوزارى بطمع رجال الاعمال فى الاستيلاء على الجزر فكما ارتبط اسم محمد ابو العنين بالقرصاية ،ارتبط اسم ساويرس بجزيرة الوراق حيث اعلن عن رغبته فى تحويلها الى جزيرة سياحية.
ووفقا لتصريحات اللواء محمد عبدالسلام المحجوب وزير التنمية المحلية ، ان تنفيذ المشروع سيستغرق ٤ سنوات علي ٦ مراحل، ويبدو ان المرحلة الاولى قد بدأت بالفعل ،مع طلب المحافظة من معهد الطيران الموجود على ارض المطار بضرورة الاخلاء على بداية شهر يوليو، كما تناثرت االاخبار فى منطقة العمارة المحاذية لارض المطار عن ان التعويض لن يتجاوز ال5000 الآف جنيه عن الغرفة الواحدة.
اما بشتيل فقد حدثت بها عدة حوادث صغيرة توضح مدى تربص الحكومة بالسكان ففى نزاع نشب بين المهندسين والاهالى نزلت قوات الامن المركزى لترهب السكان ،و لتذكرهم بحادثة اقدم وقت انشاء كوبرى المحور عندما اخذ احد المهندسين عينة من تربة ارض زراعية يمتلكها احد سكان المنطقة،الذى اعترض على اى عبث بأرضه ،وفى نفس اليوم تم القبض عليه من مباحث امن الدولة وتعذيبه ،وظل يعانى من صدمة نفسية ادت الى وفاته بعد الافراج عنه بعدة ايام .
ويرفض السكان فى بشتيل المشروع المجهول فالجميع ترتبط اعمالهم بالمنطقة ،كما يفقد الجميع الامل فى اى تعويض مناسب "الحكومة بتاخد ما بتديش" هكذا قال احد سكان بشتيل.
وفى عزبة المطار والتى تعتبر اكثر المناطق ازدحاما بالسكان وايضا اكثرها تنظيما فى مواجهة المشروع الكارثى فقد تكونت لجنة للتخطيط والمتابعة تقود السكان للتفاوض فى حالة الاخلاء حول تعويضات مناسبة او مساكن بديلة من الوحدات التى سوف تبنى على ارض المطار .
وهناك ابدى اهالى العزبة اعتراضهم وتخوفهم من المشروع ،الذى سيدفع ثمنه الغلابة ،
وعلى الرغم من وجود قيادات طبيعية من اهل المنطقة تتابع تطورات المشروع وتتمسك بحقها فى سكن بديل فى نفس المنطقة او على الاقل تعويض مناسب الا ان المشاكل الطائفية بدأت تطل برأسها هناك وغير خفى دور امن الدولة فيها ،فالمنطقة بها سلفيين وافباط وفى اعقاب عيد القيامة بدأت الاعيب امن الدولة بالقبض على عدد من الشباب السلفى بدعوى ان احد الاقباط بالمنطقة قام بتقديم بلاغ فى خطيب الجامع الذى يكفر الاقباط ، مما ادى الى نشوب نزاعات لم تتطور بعد الى فتنة طائفية .
وقد نتج عن اعلان الدولة عن مشروع تطوير شمال جيزة الى وقف بيع الأراضي في جميع المناطق المجاورة لارض المطار، وارتفاع أسعارها حتى وصل سعر متر الأرض إلي ألف جنيه بعد ان كان لا يتعدي ٤٠٠ جنيه،اضافة الى ارتفاع سعر الاراضى ،لا يستطيع الاهالى اصلاح بيوتهم او طلائها خوفا من الازالة القادمة .
كما بدأت الحكومة منذ اكثر من عام للترويج عبر صحافتها عن مدى بشاعة المناطق التى ستزال بوصفها بؤر للمخدرات والارهاب والجريمة حتى تضمن عدم تعاطف اى جمهور مع السكان ،ويبدو ان الحكومة تعتمد على المفاجأة فى تنفيذ المشروع فالمطلب الرئيسى لسكان كل المناطق المعرضة للازالة هو معرفة تفاصيل المشروع متى يبدا واى البيوت ستزال وماهو التعويض حتى يستطيعوا تنظيم انفسهم للدفاع عن اراضيهم وبيوتهم وقوت يومهم .

ليست هناك تعليقات: